تُعد مسألة تعدد الزوجات من المسائل ذات الأهمية البالغة في المجتمعات عامة ، وفي المجتمعات الاسلامية بشكل خاص، فقد كان لهذه المسألة ظهور وصدى واضح بين باقي الأديان ، حتى جعلها بعض الأوروبيين المشككين في صدق نبوة سيدنا محمد ( ص ) حجة على موقفهم في نبوته لانه تزوج احدى عشرة إمراة ثيبات وابكارا وأباح للمسلمين الزواج بأربعة فقط . بل ذهبوا الى أبعد من ذلك فقد جعلوا التعدد منقصة للدين الاسلامي وإساءة له . وكانت النتيجة ان بعض المسلمين بحسن نية ودفاعا عن الاسلام أن قالوا أن الأصل في الاسلام عدم التعدد، بل ذهب فريق آخر منهم الى القول أن التعدد أمر ثانوي . يقول الله تعالى في محكم كتابه ” وإن خفتم الاّ تُقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم الاّ تعدلوا فواحدةً او ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى الا تعولوا ” صدق الله العظيم . هذه إن كان فعل الأمر ( فأنكحوا ) فعل أمر الا أنه أمر إباحة وليس أمر الزام . والسؤال الذي يقفز الى الأذهان مباشرة هو : هل الأصل في التعدد الوجوب أم الإباحة ؟ بمعنى هل الاسلام يوجب أن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة أم أنه يُبيح له ذلك فقط ؟ الأصل في التشريع الالهي الإباحة وليس الوجوب . الاسلام لا يفرض التعددعلى الرجل المسلم لكنه يسمح به . السؤال إذن متى يُسمح بالتعدد للرجل المسلم ؟ قيد القرآن الكريم وتفسير كبار الفقهاء والعلماء للآية السابقة بشروط متعددة اختار منها ما يلي : * اول الشروط العدل ، فإن عدل الزوج بين زوجاته عدلاً متساويا حقيقيا لا تقع أية مشكلات .يحث الاسلام على العدل البين في النفقة والمبيت أي المسكن والكسوة أما المشاعر القلبية والنفسية والعاطفية فقد لا يستطيع الانسان السيطرة عليها تماما ولذلك لا يُكلف العدل في الحب في حالة التعدد . * يستساغ التعدد ايضا لمنع الإنحرافات الخطيرة وانتشار الزنا في المجتمع وهكذا يسقط المجتمع . الزوجة الثانية مثلا لم تجد الفرصة السانحة لها لأن تكون الاولى بل فضلت أن تكون الثانية وهذا أفضل لها من أن تبقى بدون زواج إطلاقا . وبالنسبة للزوجة الاولى أليس من الأفضل لها الاّتطلق بل تبقى في بيتها معززة مكرمة تجد من ينفق عليها ؟ * حالة العقم عند بعض النساء . فمثلا قد تكون الزوجة عقيمة ولا سبيل لإصلاحها طبيا فيحرم الزوج من نعمة الأبناء ، فبدلا من الطلاق يُبقى عليها الزوج ويتزوج بأخرى ولود . * قد تمرض الزوجة مرضا مزمنا كالشلل او غيره فلا تستطيع القيام على خدمة الزوج ، عندئذ تقوم الزوجة الثانية على خدمته والأطفال وحتى الزوجة الاولى . * قد يكون سلوك الزوجة الاولى سيئا ؛ شرسة ، سيئة الخلق ، لا ترعى حق زوجها وتثير المشاكل الزوجية لأتفه الأسباب او لعدم توفير كل ما تريده من كماليات وطلبات متلاحقة تثقل كاهل الزوج * يقلل التعدد من ظاهرة العنوسة وخاصة بعد نشوب الحروب التي تزيد نسبة الإناث عن الذكور . فمثلا الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات أخلت بالتوازن العددي بين الذكور والإناث . عشرات الآلاف من الارامل في البلدين . ثم حرب البوسنة والهرسك في نهاية القرن الماضي ايضا أخلت بالتوران العددي بين الجنسين والآن الحرب الضروس في ليبيا ، اليمن ، العراق وسوريا . * يُستحب التعدد لمن كان لديه القدرة البدنية والمالية الحقيقية . * من الرجال من يكون قوي الشهوة ولا تكفيه إمراة واحدة وان لم يتزوج بأخرى فسوف يقع في المشقة الشديدة وربما يصرف شهوته بطريقة محرمة . * لا يجوز التعدد ولو توافرت شروطه اذا كان عقد الزواج بينهما يشترط عليه عدم الزواج بأخرى لان العقد في الاسلام شريعة المتعاقدين . وبما أن التعدد محسوم أمره من لدن حكيم خبير الا ان هناك بعض المساؤي التي يخلقها البشر لأن النفوس كثيرا ما تكون أمارة بالسوء والفساد الأخلاقي وضيق الصدر.فربما ينشأ بعضا من العداء والتحاسد والتنافس غير البرئ بين الزوجات مما يؤدي الى تنغيص الحياة الزوجية لجميع الأطراف ، وقد ينتقل هذا العداء الى اولاد وبنات الزوجات فتسود البغضاء والكراهية بينهم وهذا بالتالي يسبب بعض المتاعب للاسرة كلها . ومما يُثير حفيظة احدى الزوجات انها اقل جمالا وأكبر سنا مما يجعل الزوج كثير الإقبال على الأخرى . ولا شك أن كثرة الأولاد لا تعطي الزوج الوقت الكافي للتوجيه والنصح والإرشاد وخاصة في السنوات الاولى من العمر وقد يحدث عن هذا ضياع الأولاد .اما الطامة الكبرى فهي إجبار الزوج زوجاته على العيش في نفس البيت الذي قد يزيد من القلق النفسي والغيرة بين الزوجات وربما ينعكس هذا على الأبناء سلباً، ولهذا ركز الاسلام على القدرة المالية التى توفر للجميع حياة سهلة كريمة بدون غبار المشاحنات والاختلافات والتنغيصات المؤلمة . وختاما من تشعر بأنها مهضومة الحقوق عليها ان تتصرف بما يرضي الله. .